مشكلات تدريس علم النحو 2

مشكلات تدريس علم النحو
(الكتاب)
2

عدم استلهام واقع الحياة
وأدعي أنه لا تكون في الحياة علاقة إنسانية حتى تكون لها في اللغة علاقة نحوية؛ فيكون من حسن التأليف ذكر إحداهما بالأخرى، والتعويل في بيانها عليها.
من ذلك مثلا تنازع العاملين معمولا واحدا في مثل قول بعض السياسيين: لم نر ولم نسمع شيئا جديدا؛ فشيئا مفعول به يتنازعه الفعلان قبله، ويجوز أن يعلق بأحدهما دون الآخر؛ فأما معلقه بآخرهما لأقربيته فكمستعمل أهل الثقة، وأما معلقه بأولهما لأسبقيته فكمستعمل أهل الخبرة!

عدم توظيف مصادر الأدب
فمهما يكن موضع المؤلف من البيان فلن يستوعب العلاقات النحوية كلها! وكيف يستوعب ما لا يعرف؛ فهي مثل أهلها مجهولهم أكثر من معلومهم! أم كيف يستوعب ما لا يقبل؛ فمنها ما لا يرتاح هو إليه على رغم ارتياح غيره!
وإذا تكلف مجاراة غيره لم يجن من تكلفه غير الجوع والعطش؛ إذ العلاقات النحوية كالعلاقات الإنسانية، في جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف!

إهمال السياقات النصية الشارحة
فكما لا تتحدد للكلمة صيغتها الصرفية ولا معناها المعجمي ولا توصف بإعراب ولا بناء حتى يستوعبها مركب نحوي، لا تتحدد للمركب النحوي نفسه فكرته حتى تستوعبه فقرة ذات قضية، ويستوعب الفقرة نص ذو موضوع، ويستوعب النص كتاب ذو غرض، وتستوعب الكتاب جمهرة -والجمهرة الأعمال الكاملة- ذات رسالة، وتستوعب الجمهرة ثقافة ذات معالم.
ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه، وسلم!-: “إن لكم معالم؛ فانتهوا إلى معالمكم”Ø› فإنه إذا اتضحت معالم الثقافة اتضحت بها رسالة الجمهرة، فغرض الكتاب، فموضوع النص، فقضية الفقرة، ففكرة المركب النحوي.
تلك أبنية متداخلة، يحيط بعضها ببعض، ولا يستغني كتاب علم النحو ببعضها عن بعض، ولكنه ربما اكتفى في بعضها بالإشارة أو الإحالة، حتى إذا انتقل بكله إلى مصادر الأدب لم يكن أدق منه ولا أحرص.

Related posts

Leave a Comment