مشكلات تدريس علم العروض ٢

مشكلات تدريس علم العروض
(مشكلات الكتاب)
Ù¢
عدم استلهام واقع الحياة
فليس من الحكمة الإعراض في تأليف كتاب المقرر من علم العروض، عن التمثيل بما يجري به واقع الحياة من وقائع اشتغل بها شعراء الوقت أو أسلافهم؛ فخلفوا من القصائد ما لا ينقضي العجب من حسن تعبيره عن طبائع الناس الثابتة وأهوائهم المستمرة.
وهل أكثر تأليفا للطالب من أن تكون مشاغله هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، هي مادة الكتاب المقرر؛ فيتمسك به تمسكه بعماد وجوده، ويلهج بمراجعته لهجه بترديد وصايا الأحباب!
أم هل أكثر تنفيرا للطالب من أن تنقطع علاقته هو وأهله ومجتمعه وشعبه وأمته، بمادة الكتاب؛ فيزهد فيه زهده فيما لا يعنيه، ويعرض عنه إعراضه عن أخبار الغرباء!
توظيف مصادر الأدب
وتوظيف مصادر الأدب في تدريس علم العروض وغيره من علوم اللغة العربية، باب كبير انقطعت لشرحه طويلا بمقال خاص، ولم أستحسن أن أُمرَّ هذا الموضع من غير أن أُذكّر به؛ فمن هذه المصادر يمتاح المؤلف ما يُحيي المقرر ويغنيه، ولاسيما أنها تشتمل مع القديم على الحديث، ومع البعيد على القريب.
الاستهانة بالإملاء والتشكيل والترقيم
إن ضبط النطق هو أساس التخريج العروضي؛ فإن الباحث عن عروض قصيدة جديدة، لا يملك غير لغتها؛ فهو يعتمد عليها وينفذ منها إلى العروض الكامن فيها، فإن اضطربت لغتها انسد عليه منفذه، وعيَّ بأمره!
وإن في الاستهانة بضبط نصوص كتاب المقرر من علم العروض إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا تاما، لغفلة واضحة عن منزلة ضبط النطق من التخريج العروضي، فكيف بالخطأ، أم كيف بكثرة الخطأ وغلبته!
وإذا كان علماء العروض استحسنوا في طلابه أن يكونوا ممن شَدَوْا قبلئذ شيئا من علوم العربية، فإنهم لو شهدوا هذا المقام لأوجبوا إيجابا أن يكون مؤلف كتاب المقرر من علم العروض، ممن أتقنوا علوم العربية كلها جميعا.
استعمال الكتابة العروضية
ولا أدري ما حاجة كتاب المقرر من علم العروض مع ضبط النطق السابق التنبيه عليه تنبيها شديدا، إلى ما يسمى الكتابة العروضية (إعادة كتابة بيت الشعر من تحت كتابته الأولى المعروفة، بإظهار كل منطوق -وإن اختفى من الكتابة المعروفة- وإخفاء كل متروك -وإن ظهر- وفك كل مدغم، حتى لتبدو الكتابة مثل أُحْجيّة الساحر)، إلا أن يريد مؤلفه خداع القراء عن جهله، بما يوهم العلم والدقة والحرص، وما هو منها في شيء!
إن العلم والدقة والحرص إنما هي في ضبط البيت إملاء وتشكيلا وترقيما ضبطا صحيحا تاما، فأما كتابته كتابة عروضية فمشغلة عن إتقان ضبطه، ثم هي لا حاجة معه إليها.

Related posts

Leave a Comment