هو فضيلة العالم الدكتور محمد جمال صقر حفظه الله تعالى ومتع به .. بحر في فنون اللغة العربية وآدابها ، لم يلج بابا منها إلا وبرز فيه وأبدع وتميز . وهو – بارك الله في عمره وعمله – من أنجب تلاميذ إمام الأدب العربي في هذا العصر العلامة اللغوي الأديب محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى.
شرفت بتدريسه لي في كلية دار العلوم ، وبحضور مجالسه الخاصة في كليتنا العريقة ، وكذلك في بيته العامر بالخير والعلم في جزيرة المَنْيَل.
أذكر أنني في المحاضرة الأولى له حفظه الله ، كنت مشدوها مبهورا بأسلوبه الفريد من نوعه في الإلقاء . كنت أجلس في محاضراته أستمتع بجميل لغته ، وعذب بيانه وبلاغته. كأنني أتنقل بين أجمل ألوان الطعام وألذه ، أو كأنني أستمع في طرب لمقطوعة شعرية يلقيها منشد حسن الصوت ، أو كأنني أتنزه في رياض نضرة مزهرة أتنسم عبيرها ، وألعق رحيقها.
كان حفظه الله مختلفا عن كل من درس لنا ، مع الاعتراف بفضل الجميع وعلمهم ، لكنه كان من عالم آخر ، يعاملك كأخ أصغر له ، يتواضع معك ويهتم بك وكأنك شغله الوحيد ! رغم أنه يقابل مئات الطلاب والمحبين ، وهذا والله من عجائبه!
ومن عجائبه المليحة سعة صدره وترحيبه بطلابه حتى في بيته ! فقد أدخلني بيته المبارك ، وأنا من أنا ، لست بشيء يُذكر ! ولكنها أخلاق العلماء ، فجزاه الله عني وعن كل من علمه حرفا خير الجزاء.
أحيا طريقة السلف في تعليم العربية ، بعقد مجالس القراءة والاستماع ، يقرأ الطالب وهو – متع الله به – يعلق ويصحح ويجيز.
أما عن غيرته على الدين والعربية ، فحدث ولا حرج ! كيف لا وهو تلميذ حصن اللغة المتين في زماننا ، وأحد أعظم الذابين عن الإسلام والعربية في العصور الأخيرة.
صان الله مهجته ، ونفع بعلمه ، ومتع به ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(22) المشاهدات