من أكثر من نص٠قرن، وأنا ضي٠دائم على كثير من كتب التراث العربى، أنهل منها ما أشاء، وأجمع من المواد العلمية ما يلزمنى، وأراجع ÙÙ‰ صÙØاتها آثار هذه الØضارة الرائعة التى صنعها الأجداد. وعلى كل كتاب من كتب هذا التراث العريض، تطالعنى أسماء المØققين الذين بذلوا الجهد والعناء ÙÙ‰ البØØ« والتÙتيش، وقراءة المخطوطات، وتØقيق النصوص، ÙˆØ´Ø±Ø Ø§Ù„ÙƒÙ„Ù…Ø§Øª والعبارات، وتهيئة هذه الأسÙار الضخمة القيمة لتكون ميسورة Ù…Øققة ومشروØØ© ÙÙ‰ متناول القارئ.
https://almalnews.com/%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1-1/
تطالعنى من البدايات أسماء الشقيقين مع Ùارق السن Ø§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø¨ÙŠÙ†Ù‡Ù…Ø§ Ø£Øمد ومØمود Ù…Øمد شاكر، أجد أسميهما وتØقيقهما وشروØهما على تÙسير ابن جرير الطبرى للقرآن المجيد، وعلى كثير غيرهما.. والأستاذ Ù…Øمد أبو الÙضل إبراهيم، والأستاذ عبد السلام Ù…Øمد هارون، وغيرهم من العلماء الكرام الذين اختاروا الطريق الصعب، القليل العائد، مضØين بنور عيونهم، وبوقتهم، ليسهروا الليالى وينقبوا ويÙتشوا ويØققوا ليتيØوا لغيرهم أن يطل ÙÙ‰ يسر مضمون العائد على ما يختارونه من أمهات كتب التراث، المخطوطة أو التى سبق نشرها بلا تØقيق أو بلا تØقيق مجزئ، ÙيتيØون لهذه الأسÙار التى طواها النسيان وإهمال السنين، أن ترى النور وتصاÙØها عيون طلاب المعرÙØ©ØŒ Ù…Øققةً مشروØةً ÙˆÙÙ‰ ثوب قشيب.
لولا هؤلاء وأترابهم وتلاميذهم، ما Ø£ØªÙŠØ Ø¥Øياء هذا التراث العريض بما يستØقه من ضبط وإبراز، ولا Ø£ØªÙŠØ Ù„Ù†Ø§ أن نطالع هذه الأعمال الخالدة التى بث هؤلاء الزهَّاد العاكÙون Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ùيها.
لازلت أذكر وأنا Ø£Øضر لكتابة السيرة النبوية ÙÙ‰ رØاب التنزيل، كي٠جبت معظم المدن المصرية ومكتبات دار المعار٠Ùيها، لأÙتش عن مجلدات تÙسير الطبرى للقرآن المجيد، المØققة والمشروØØ© بمعرÙØ© الأخوين العلامة Ø£Øمد Ù…Øمد شكر والعلامة Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر، والتى توقÙت للأس٠عند المجلد السادس عشر، ولم ÙŠØاول Ø£Øد- أو لعله خشى المقارنة- أن يستكمل من بعد هذا العمل الجليل الذى توق٠إخراجه برØيل أول الشقيقين ÙÙ‰ سنة 1958 ثم رØيل الثانى المشهور بأبى Ùهر سنة 1997Ù…. وقد دÙعنى إلى هذا التÙتيش الصبور عن النسخ Øتى جمعتها، الÙارق هائل للقراءة Ùيها عن القراءة ÙÙ‰ النسخة القديمة المطبوعة من قرن، والتى ÙŠÙØمد لمكتبة البابية الØلبية قيامها بإخراج أولى طبعاتها سنة 1321 هـ – 1900Ù…ØŒ وتلتها مطبعة بولاق الأميرية بإصدار طبعة ثانية سنة 1323 هـ -1902 Ù…ØŒ وظل الكتاب بعيدًا بعد Ù†Ùاد نسخة عن متناول طلاب البØØ« والمعرÙØ©ØŒ Øتى طبعته مكتبة البابية الØلبية طبعة ثالثة سنة 1388 هـ – 1968 Ù…ØŒ والتى Ù„Øقت ربما بآخر نسخها سنة 1980 ÙÙ‰ زيارتى لمكتبات الأزهر الشريÙ.
نسخة تÙسير الطبرى المØققة بمعرÙØ© الأخوين شاكر، والتى توقÙت للأس٠عند المجلد السادس عشر، نجد الدقة واضØØ© ÙÙ‰ العناية بتØديد دور كلًّ منهما ÙÙ‰ إخراج هذا العمل الجليل- Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر – الأخ الأصغر- «Øققه وعلق Øواشيه»، وأØمد Ù…Øمد شاكر – الأخ الأكبر- «راجعه وخرج Ø£Øاديثه»، ÙتضاÙر علم الشقيقين ÙÙ‰ إخراج هذه الطبعة المØققة المدققة العامرة بالØواشى الشارØØ© والمÙسرة والموضØØ©ØŒ Øتى لتكاد تكون عملاً موازيًا لا يستغنى عنه الباØØ« ÙÙ‰ هذا العمل الجليل.
ملأ الشقيقان Ø£Øمد ومØمود- Ù…Øمد شاكر، الدنيا إنتاجًا غزيزًا متميزًا، ولقيا من وقت لآخر بعض ما يستØقانه من تكريم، ولكن للأس٠لا يعر٠كثيرون- سيما غير المعنيين بدراسة كتب التراث- قدر علمهما ومكانتهما، أو مقدار ما بذلاه مجتمعين أو منÙردين ÙÙ‰ خدمة التراث والإسلام والÙكر والأدب العربى.
يتÙÙ‚ الشقيقان شاكر، ÙÙ‰ مولدهما لأبيهما الشيخ Ù…Øمد شاكر العالم الأزهرى الذى عمل بالتدريس بالمعاهد الأزهرية، ثم تولى منصب قاضى القضاة ÙÙ‰ السودان، قبل أن يعود لمصر ليلى مشيخة المعهد الدينى بالإسكندرية، ثم وكالة مشيخة الأزهر الشريÙ.
اجتمع الشقيقان اللذين ÙŠÙصل بينهما ÙÙ‰ الميلاد سبعة عشر عامًا، ÙÙ‰ تلقى العلم من مناهله ÙÙ‰ البيئة العلمية التى ÙˆÙرها للبيت أبوهما العالم الأزهرى، وإن كان الشيخ Ø£Øمد شاكر قد استمر ÙÙ‰ الدراسة الأزهرية Øتى Øصل على شهادة العالمية سنة 1917ØŒ وتبØَّر ÙÙ‰ علم الØديث، ولقب بشمس الأئمة «أبو الأشبال»، بينما اتجه Ù…Øمود شاكر الملقب بأبى Ùهر اتجه إلى الدراسة المدنية Øتى التØÙ‚ بكلية آداب القاهرة سنة 1926ØŒ ثم قطع دراسته ÙÙ‰ الكلية ÙÙ‰ قصة خلا٠طويلة مع أستاذه الدكتور طه Øسين، وليسلك طريقه بعيدًا عن الجامعة، وإن Øَصَّل Ùيه Ùيوضًا من العلوم والمعارÙØŒ واهتم بالدراسة الأدبية إلى جوار تØقيق التراث، واجتمع الشقيقان ÙÙ‰ أعمال أخرجاها معًا كتÙسير الطبرى، بينما انÙرد كلÙÙ‘ منهما بأعمال أخرى، أو بالاشتراك مع آخرين، مثلما اشترك Ø£Øمد شاكر ÙÙ‰ «المÙضليات» ثم «الأصمعيات» مع الأستاذ عبد السلام هارون، وبعد ذلك يطول الØديث ÙÙ‰ سيرة كلًّ منهما.
كان ميلاد الشيخ Ø£Øمد Ù…Øمد شاكر الذى عر٠بشمس الأئمة أبى الأشبال، ولد ÙÙ‰ جرجا بصعيد مصر سنة 1390هـ /1892Ù…ØŒ قبل سبعة عشر عاما من مولد شقيقه Ù…Øمود سنة 1327هـ / 1909Ù… والشيخ أبوالأشبال Ùقيه ومØقق وأديب وناقد، ولكنه برز ÙÙ‰ علم الØديث Øتى صار إمامًا Ùيه ÙÙ‰ عصره. صاØب والده ÙÙ‰ عمله بالسودان، والتØÙ‚ هناك بكلية غوردون، ولكن بعودته مع أبيه لمصر التØÙ‚ بمعهد الإسكندرية الدينى الذى كان والده شيخا له، واستكمل دراساته بالأزهر Øتى Øصل على شهادة العالمية سنة 1917Ù….
وجدير بالذكر أنه مع دراسته بالأزهر على المذهب الØÙ†Ùى، وبه كان يقضى Øينما عمل بالقضاء الشرعى ثم بمØكمته العليا، إلاَّ أنه كان بعيدًا عن التعصب لمذهبه، Øريصًا على أن يرجع إلى آراء أهل العلم جميعا، متØاشيا ما ØµØ±Ø Ø¨Ø£Ù†Ù‡ Ùرق أهل العلم إلى Ø£Øزاب وشيع علمية مبنية على العصبية، منبها إلى أن هذا التÙرق كان السبب ÙÙ‰ زوال دولتهم!
وأنت تدهش Øينما تراجع قائمة مؤلÙات ومنجزات Ø£Øمد شاكر، سواء ÙÙ‰ علم الØديث، أو ÙÙ‰ علوم الÙقه، أو ÙÙ‰ تØقيق كتب التراث.. الدينية، والأدبية.. سو٠يمر بك Øين تطالع قائمة إنجازاته، تعدد مؤلÙاته ÙÙ‰ علم الØديث، Ùكتب Ø´Ø±Ø Â«Ø£Ù„Ùية السيوطى ÙÙ‰ علم الØديث»، ÙˆØ´Ø±Ø Ø£Ù„Ùية العراقى ÙÙ‰ Ù…ØµØ·Ù„Ø Ø§Ù„Øديث، ÙˆØقق ÙˆØ´Ø±Ø Ù…Ø¤Ù„Ù Ø§Ù„ØاÙظ بن كثير ÙÙ‰ اختصار علم الØديث، ÙˆØ´Ø±Ø Ø£Øاديث سنن الترمذى، والمسند لابن Øنبل الذى Øالت ÙˆÙاته دون تكملته بعد أن Ø´Ø±Ø Øوالى ثلثه.
وأل٠أØمد شاكر كتاب «نظام الطلاق ÙÙ‰ الإسلام» الذى صار مرجعًا ÙÙ‰ بابه للقضاء والإÙتاء، واشترك مع شقيقه الأصغر على Ù…Øمد شاكر ÙÙ‰ تØقيق «تÙسير الجلالين» للسيوطى، إضاÙØ© إلى مشاركة أخيه Ù…Øمود شاكر ÙÙ‰ تØقيق Ø£Øاديث تÙسير الإمام الطبرى للقرآن، ومع مشاركته لشقيقه ÙÙ‰ إخراج بعض كتب الÙقه والتÙسير، شارك آخرين من العلماء ÙÙ‰ تØقيق العديد من كتب التراث، Ùشارك تلميذه الأستاذ عبد السلام هارون ÙÙ‰ تØقيق وإخراج كتاب «المÙضليات» الذى Ø¥Øتوى على Ù†ØÙˆ مائة وثلاثين قصيدة شعرية اختارها المÙضل الضبى من بين أبلغ الأشعار العربية، ثم ÙÙ‰ تØقيق وإخراج كتاب «الأصمعيات» الذى انتقى Ùيه الأصمعى عددًا من القصائد الشعرية من أجود الشعر العربى استكمالا للمÙضليات، كما شارك عبد السلام هارون ÙÙ‰ تØقيق وإخراج كتاب Â«Ø§ØµØ·Ù„Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ù†Ø·Ù‚Â» لابن السكيت.
ولم يبعده علم الØديث، ولا الشعر والأدب، عن أصول الÙقه، ÙØقق ÙˆØ´Ø±Ø ÙƒØªØ§Ø¨ الإØكام ÙÙ‰ أصول الÙقه لابن Øزم، والعمدة ÙÙ‰ الأØكام للØاÙظ عبد الغنى المقدسى، وكتاب جماع العلم للإمام الشاÙعى، ثم كان له إجتهادات Ø´Ùت عن استنارته وبعد نظره، ومما يروى أنه كان وأبوه الشيخ Ù…Øمد شاكر، ينتصران للرأى القائل بأن إثبات مطالع الشهود العربية لا يكون إلاَّ بالرؤية الشخصية، ويخالÙان ÙÙ‰ ذلك Ùتوى الشيخ Ù…Øمد مصطÙÙ‰ المراغى شيخ الجامع الأزهر الذى كان قد Ø£Ùتى بجواز الاعتماد على الØساب الÙلكى. وبعد عدة مقالات كتبها Ø£Øمد شاكر ÙÙ‰ الانتصار لرأيه، بدا له أن يعيد تØقيق المسألة، وأن يتناولها ÙÙ‰ تأمل، وأن يعيد Ùيها الÙكر بروّية، Ùهداه بØثه إلى ما يخال٠رأيه ورأى أبيه، Ùلم يتوان ÙÙ‰ إخراج رسالة ÙˆÙÙ‰ Øياة أبيه عن تØديد أوائل الشهور العربية، خال٠Ùيها ما كان عليه هو وأبوه، ورجع إلى رأى الشيخ المراغى، وأعلن ÙÙ‰ صراØØ© وشجاعة صواب رأيه، وزاد عليه أنه يجب إثبات أوائل الشهور العربية بالØساب الÙلكى ÙÙ‰ كل وقت.
كان الشيخ Ø£Øمد Ù…Øمد شاكر أمةً ÙˆØده، ضرب ÙÙ‰ ميادين العلم والمعرÙØ© ÙÙ‰ كل باب، ونذر Øياته للعلم ÙÙ‰ تواضع وصمت العلماء، وزامل تلاميذه ÙÙ‰ بعض تØقيقاته لكتب التراث، Øتى Ù„Ùتنى ما كتبه الأستاذ عبد السلام هارون ÙÙ‰ الطبعة التى صدرت بعد ÙˆÙاة الشيخ Ø£Øمد شاكر لكل من المÙضليات والأصمعيات ÙØ·ÙÙ‚ يقول هو الآخر بتواضع العلماء، إن الشيخ Ø£Øمد شاكر أستاذه الذى كان له نعم القدوة ونعم العون ونعم المرشد.
لست أملك وأنا أجتزئ هذه السطور القليلة عن العلاَّمة، شمس الأئمة، أبى الأشبال Ø£Øمد Ù…Øمد شاكر إلاَّ أن أنØنى اØترامًا وإجلالاً وشكرا لهذه القامة الجليلة، التى أعطتنا الكثير، ولازلنا نغتر٠العلم من على الموائد التى بسطها لنا هذا والرعيل، ÙÙ‰ صمت وقور ومعطاء، ÙÙ‰ غير مَنًّ ولا تÙضّل ولا استعراض. طيب الله ثراه، وتغمده برØمته ومغÙرته ورضوانه.
كان أبوÙهر، الأستاذ Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر، عريض العلم، عظيم الاعتداد بنÙسه، ترى تÙرد شخصيته، واستقلالية رأيه، وشجاعته Ùيه، منذ سنوات صغره وصباه. Ùمع أنه ابن الشيخ الأزهرى كبير علماء الإسكندرية، وكيل الأزهر الشريÙØŒ الشيخ Ù…Øمد شاكر، وشقيق الشيخ Ø£Øمد Ù…Øمد شاكر الذى Øصل على شهادة العالمية من الأزهر سنة 1917Ù…ØŒ وسن Ù…Øمود شاكرآنذاك ثمانى سنوات، Ùقد ولد سنة 1909Ù…ØŒ إلاَّ أنه تÙرَّد ÙÙ‰ اختيار طريقه ÙÙ‰ التعليم، Ùلم ÙŠØØ° Øذو أبيه أو شقيقيه الأكبر Ø£Øمد وعلى، وإنما انÙرد باختيار طريق التعليم المدنى، وتلقى أولى مراØÙ„ تعليمه ÙÙ‰ مدرسة الوالدة أم عباس ÙÙ‰ القاهرة سنة 1916ØŒ ثم انتقل وهو ÙÙ‰ العاشرة بعد ثورة 1919 إلى مدرسة بدرب الجماميز، ÙˆÙيها تأثر كثيرًا بدروس اللغة الإنجليزية الجديدة عليه والتى كانت Ù…ØÙ„ اهتمام المدرسة، ولم يقطعه التعليم المدنى عن التردد على الجامع الأزهر الذى سمع Ùيه كثيرًا من الشعر والأدب، Ùتوازنت من البداية مصادره التعليمية بين العربية التى صار قطبًا من أقطابها، وبين الإلمام بالإنجليزية التى أتاØت له الإطلال على ما لم يكن متاØًا بالعربية.
وبعد Øصول Ù…Øمود شاكر على شهادة إتمام الدراسة الثانوية من المدرسة الخديوية، ومع أنه كان بالقسم العلمى، إلاَّ أنه اتجه إلى كلية آداب القاهرة، Øيث التØÙ‚ بقسم اللغة العربية، والطري٠أن الدكتور طه Øسين الذى عاداه Ùيما بعد هو الذى توسط لدى Ø£Øمد لطÙÙ‰ السيد رئيس الجامعة لقبوله بكلية الآداب برغم أنه كان بالقسم العلمى للتوجيهية.
وهنا نقلة أخرى أورت بتÙرد شخصيته واستقلالية رأيه إلى Øد العن٠ÙÙ‰ الانتصار له. كان إكبار Ù…Øمود شاكر للدكتور طه Øسين عظيمًا، لأستاذيته له، ولمكانته، ولÙضله ÙÙ‰ إزاØØ© عقبة التØاقه بكلية الآداب. ÙˆÙÙ‰ سنة 1926 كان الدكتور طه Øسين يلقى Ù…Øاضراته عن الشعر الجاهلى، لطلبة كلية الآداب، وأيضًا لطلبة السنة الأولى بØقوق القاهرة التى كان نظامها ÙŠÙرض آنذاك تمضية سنة تØضيرية بكلية الآداب. وكان من طلبة كلية الØقوق الدارسين بكلية الآداب ÙÙ‰ تلك السنة: أبى الروØÙ‰ وأستاذى Ù…Øمد عبد الله Ù…Øمد العلامة والمØامى الأشهر، والناقد الكبير والمØامى أيضًا Ù…Øمد مندور، وكان ÙÙ‰ هذه الدÙعة ضمن طلبة كلية الآداب Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر الذى استمع ضمن من استمعوا إلى نظرية الدكتور طه Øسين ÙÙ‰ الشعر الجاهلى، وإلى رأيه أن معظمه منتØÙ„ Ù„Ùَّقَه٠الرواة ونسبوه إلى امرئ القيس وزهير وغيرهما من شعراء الجاهلية، وروى Ù…Øمود شاكر Ùيما بعد أنه ضاع٠من صدمته ÙÙ‰ رأى طه Øسين، أنه كان قد اطلع على هذا الرأى بØذاÙيره للمستشرق الإنجليزى اليهودى مرجوليوث، ÙÙ‰ مقال كان منشورًا له ÙÙ‰ مجلة استشراقية.
تردد Ù…Øمود شاكر كثيرًا Ùيما يروى ÙÙ‰ مراجعة طه Øسين، تهيبًا واØترامًا لأستاذه، ولكن شخصيته المتوثبة لإبداء ما يعتقده، Øدته للخروج عن صبره، ÙØ·ÙÙ‚ يناقش أستاذه ويØاوره ويرد عليه ÙÙ‰ صراØØ© Ø£Ùسدت ما كان بينه وبين أستاذه، وإن Ø£Øجم وقتها عن مواجهته بأن ما يطرØÙ‡ ÙÙ‰ Ù…Øاضراته هو Ø£Ùكار المستشرق مرجوليوث!
لم يطق Ù…Øمود شاكر صبرًا على استكمال دراسته بكلية الآداب التى خاب أمله Ùيما صادÙÙ‡ Ùيها، Ùترك الجامعة وهو بالسنة الثانية، وساÙر سنة 1928 إلى جدة بالسعودية، Øيث أنشأ هناك مدرسة ابتدائية بتكلي٠من الملك عبد العزيز آل سعود، ولكن والده استدعاه إلى مصر، Ùعاد ÙÙ‰ العام التالى (1929) إلى القاهرة، Øيث انصر٠إلى الأدب والكتابة، وقراءة دواوين الشعر، وعشق المتنبى وشعره، ومع الوقت صارت له ملكة متميزة ÙÙ‰ تذوق الشعر، Ùبدأ ينشر قطعه الشعرية ÙÙ‰ مجلتى «الÙتØ» و«الزهراء» لمØب الدين الخطيب، وبدأت مع الوقت تنمو اتصالاته بأعلام هذا العصر من الأدباء والمÙكرين، Ùاتصل بأØمد تيمور وأØمد زكى باشا والخضر Øسين ومصطÙÙ‰ صادق الراÙعى، وبعباس العقاد الذى توثقت صلته به.
بتعمق Ù…Øمود شاكل وتأمله Ùيما وقع عليه من أشعار العرب، نمت ملكة تذوقه، وصار له منهج يطبقه ÙÙ‰ قراءة الشعر ÙˆÙهمه وتØليله، وساعده اطلاعه على التÙاسير القرآنية وكتب الØديث، وما وصله من مناهج السابقين ÙÙ‰ دراسة الشعر والشعراء كطبقات الشعراء لابن سلام الجمØى، وكتب Ø§Ù„Ø¬Ø±Ø ÙˆØ§Ù„ØªØ¹Ø¯ÙŠÙ„ وغيرها من كتب أصول الÙقه والملل والنØÙ„ للشهرستانى والبغدادى، وكتب البلاغة والأدب والنØÙˆ والتاريخ، ÙانÙتØت له Ø¢Ùاق زادت علمه وملكاته Ø› وبهذا الزاد المتنامى، أقبل Ù…Øمود شاكر على المتنبى، شاعره الأثير المØبب، وما إن كلÙÙ‡ Ùؤاد صرو٠رئيس تØرير مجلة المقتط٠بكتابة دراسة موجزة عنه، Øتى دÙعته Ù…Øبته للشاعر للتوسع، Øتى تØولت الدراسة إلى ما يشبه الكتاب، Ùنشره Ùؤاد صرو٠ÙÙ‰ عدد خاص للمقتط٠بأول يناير 1936ØŒ صدَّره بأنه لأول مرة يصدر عدد المجلة ÙÙ‰ موضوع واØد لكاتب واØد، وقد كان لهذه النقلة ما بعدها ÙÙ‰ Øياة الأستاذ Ù…Øمود شاكر.
الØديث عن أبى Ùهر الأستاذ Ù…Øمود Ù…Øمد شاكر، ÙÙ‰ هذا الØيز، ÙˆÙÙ‰ الإطار المØدد Ùيه عن جانب تØقيق وإØياء التراث، Øديث صعب، مرجع صعوبته تشعب وتعدد Ùيوض ومساهمات وعطاء هذا العلامة الجليل الذى كان يصÙÙ‡ الأستاذ ÙŠØيى Øقى وهو من هو بأنه «أستاذه». والواقع أن الأستاذ Ù…Øمود شاكر يستØÙ‚ هذا التوصيÙØŒ وقد أمضيت الليل بطوله أوازن كي٠أنØصر ÙÙ‰ جانب واØد لرجل متعدد الجوانب غزير الإنتاج Ùياض العطاء، Ùتركت القلم يجرى ببعض الخواطر تطو٠Øوله قبل أن أعود للجانب الذى اخترته لك هنا عن تØقيق وإØياء التراث.
ÙÙ‰ مكتبتى غير الكتب التى Øققها الأستاذ العلامة Ù…Øمود شاكر، عملين كبيرين من تأليÙÙ‡: المتنبى، وأباطيل وأسمار، Ùضلاً عن برنامج ابن سلام الجمØÙ‰ ÙÙ‰ كتابه طبقات ÙØول الشعراء. شاء أن يقدم لكتابه عن المتنبى برسالة ÙÙ‰ الطريق إلى ثقاÙتنا، أودع Ùيها الخطوط العريضة لخلاصة رؤيته وتوجهاته. تØدث Ùيها كذلك عن بداية قصته مع دراسة الشعر الجاهلى وكي٠انتهت به اتخاذ منهجه الخاص ÙÙ‰ «التذوق».. تذوق الكلام عامةً، والشعر خاصةً. وقضيته ÙÙ‰ الجامعة Øول هذا الشعر التى أدت به سنة 1926ØŒ وهو بالسنة الأولى بكلية الآداب، إلى معارضة منهج أستاذه الدكتور طه Øسين، وما دار Øول هذه القضية التى تشعبت وطالت مناهج البØØ« والمنهج الديكارتى والاستشراق والمستشرقين، وطالت Ùيما طالت الأغراض الØقيقية التى يراها الأستاذ Ù…Øمود شاكر للØملة الÙرنسية.
على أن خلا٠الأستاذ Ù…Øمود شاكر مع أستاذه الدكتور طه Øسين، لم يقتصر على ما اØتدم بينهما بشأن رأى الدكتور طه ÙÙ‰ الشعر الجاهلى، ولا على ما Ø£ÙØµØ Ø¹Ù†Ù‡ الأستاذ شاكر لاØقًا أنه مستمد من رأى المستشرق مرجوليوث، وإنما تصعد الخلا٠Øول المتنبى. ÙˆÙÙ‰ مقدمته لكتابه عن «المتنبى»، Øرص الأستاذ Ù…Øمود شاكر على الإشارة إلى أن أول كتابه عنه كانت سنة 1936 Øين نشرت المقتط٠الكتاب ÙÙ‰ عدد خاص، وأنه من ثم أسبق بسنتين من كتاب «مع المتنبى» لأستاذه الدكتور طه Øسين الذى نقد Ùصوله الأولى بمقالات نشرت ÙÙ‰ جريدة «البلاغ» سنة 1937ØŒ بعنوان «بينى وبين طه»، والØقيقة أنك قد لا تتعاط٠مع الأسلوب الذى تناول به الدكتور طه Øسين، Ùهو تارة يصÙÙ‡ بأنه أستاذه، ويقر له بÙضل إلØاقه بكلية الآداب بتوسطه لدى الأستاذ Ø£Øمد لطÙÙ‰ السيد لقبوله رغم أنه ÙŠØمل «بكالوريا» القسم العلمى، وبأن له عليه بذلك يدًا لا ينساها، إلاَّ أنه يعود Ùيبدو وكأنه يستكثر عليه أبوة يستØقها، ÙيصÙÙ‡ بأنه بمنزلة أخيه الأكبر، ويشتد عليه Ø£Øيانًا بما لا يليق، ولا أعر٠جÙوة كهذه الجÙوة إلاَّ التى كانت بينه وبين الدكتور لويس عوض، وهى موضوع كتابه الضخم أباطيل وأسمار، من اللاÙت أن الدكتور لويس عوض أقر له بالعلم، وأÙØµØ Ø¹Ù† أنه كان خليقًا بأن يستÙيد منه، لولا الØدّة الذى تشكى منها الدكتور عوض.
وعلى نقيض الجÙوة مع الدكتور طه Øسين، والجÙوة الأشد مع الدكتور لويس عوض، كانت علاقة الأستاذ Ù…Øمود شاكر بكل من مصطÙÙ‰ صادق الراÙعى، وبعباس العقاد على وجه خاص علاقة متميزة.. Ùيذكر للراÙعى كي٠انتشله ثناؤه على كتابه عن المتنبى، من وهدة Øمى النقد العنيÙØ© التى شنها عليه البعض، وكي٠جاءت كلمات الراÙعى ترياقًا Ø£Øب من وقت لآخر أن يعود إلى قراءتها. أما العقاد، Ùيروى أنه كان يلقاه مرارًا ÙÙ‰ مترو مصر الجديدة، وكي٠كان Ù…Øبًّا له من طول قراءته لما يكتب، بيد أنه كان يلمس ظلالاً من الجÙوة ÙÙ‰ أسارير وجهه Øين يرد على السلام على عادته من الأدب المØتشم، وربما كان ذلك راجعًا Ùيما يستنتج إلى علاقته بالراÙعى الذى كان بينه وبين العقاد خصومة مستعرة، بيد أنه Ùوجئ بعد أيام من إهدائه له بمنزله كتابه عن المتنبى، Ùوجئ به يدعوه بالمترو إلى مجلس أمامه، وعلى وجهه بشاشة مكان الجÙوة، وتطلّق مكان الانقباض، ومع أن العقاد لم ÙŠÙاتØÙ‡ يومها بشأن الكتاب، إلاَّ أنه كان واضØًا له أنه قرأه وأن رأيه Ùيه كان مرجع هذه البشاشة التى قابله بها والتى يعلق Ù…Øمود شاكر بأن نشوته بها وبتغير العقاد إزاءه، Ùاقت نشوته بما كتبه الراÙعى عنه، واعتبرها يدًا للعقاد عنده، إذ زادت ثقته بنÙسه، ثم توثقت الصداقة من بعد بينه وبين العقاد، وظل ÙŠØمل له إكبارًا لا ينى عن الإÙØµØ§Ø Ø¹Ù†Ù‡.
ربما عدت ÙÙ‰ ظر٠أوسع لأØدثك باستÙاضة عن Ù…Øمود شاكر الذى ملأ الدنيا بمؤلÙاته ومقالاته ومعاركه، أما Ù…Øمود شاكر المØقق لكتب التراث، Ùهو موضوعى الآن.
تلمس ÙˆÙاء العلامة Ù…Øمود شاكر للتراث، Øين ترى أنه مع دراسته العريضة غير المسبوقة لكتابه عن المتنبى، Øرص على أن يلØÙ‚ بها ترجمات عن الشاعر من كتب التراث، وبعضها كان لا يزال مخطوطة لم تطبع بعد، كترجمة الرَّبعى لأبى الطيب، Ùلم يمنعه ذلك من أن يبذل العناء ليØقق ويجمع هذه المخطوطة ليضعها أمام القارئ بالكتاب، ويروى لنا Ù…Øمود شاكر أنه وقع عليها ÙÙ‰ آخر Ø´Ø±Ø Ø§Ù„ÙˆØ§Øدى لديوان المتنبى. Ùنقلها كاتبها بخطه وألØقها بآخر الشرØØŒ وأن هذه النسخة مخطوطة Ù†Ùيسة Ù…ØÙوظة بمكتبة Ùيض الله بالآستانة تØت رقم: 1649ØŒ وذكر خبرها ÙÙ‰ مقدمة الكتاب.
إلى جانب ترجمة الرَّبْعى لأبى طيب، أورد الأستاذ Ù…Øمود شاكر ثلاث تراجم أخرى من التراث عن شاعر العربية العظيم، Ùأورد ترجمة المتنبى لأبى العديم عن كتابه «بغية الطلب»، وترجمة ابن عساكر للمتنبى، وأيضًا عن «مخطوطة» لكتاب الإبانة للعميدى، وترجمة المقريزى للمتنبى من كتاب «المقÙى».. وأنت لا بد تلمس من Øرصه على إلØاق هذه التراجم الأربعة بكتابه عن المتنبى مدى تقديره للتراث ÙˆØرصه على Ø¥Øيائه وتقديمه، Ùاختار هذه التراجم الأربعة التى لم تÙنْشر، لينشرها هو ÙÙ‰ كتابه الضاÙÙ‰ عن شاعر العربية العظيم.
لذلك لم يكن غريبا على هذا العاشق للتراث، أنه يعطيه جل وقته برغم تعدد جوانبه وإسهاماته، ويكÙÙ‰ أن تقرأ المجلدات الستة عشر التى ظهرت من سنوات بعيدة، لتÙسير الإمام الطبرى للقرآن، التى Øققها Ù…Øمود شاكر ومعه شقيقه الأكبر Ø£Øمد شاكر، لنرى هذا الإخلاص النادر، والأستاذية اللاÙتة ÙÙ‰ تØقيق النص، والعلم الغزير الÙياض الذى تش٠عنه الØواشى الطوال التى زين بها النص.
رغم جهوده العريضة ÙÙ‰ الÙكر والأدب وأبرزها كتابه عن المتنبى، ودراسته الضاÙية «رسالة ÙÙ‰ الطريق إلى ثقاÙتنا»، ودÙاعه عن أصالة الثقاÙØ© العربية ضد التغريب، ومعاركه الأدبية التى استطالت وتضمنها المجلد الضخم «أباطيل وأسمار»، Ùإن ذلك كله لم يصرÙÙ‡ عن العناية بأمهات كتب التراث، تØقيقا ونشرًا وإØياء.. Øتى صار على رأس قائمة Ù…Øققى التراث العربى، ووصÙÙ‡ العقاد بأنه «المØقق الÙنان».
من منجزاته ÙÙ‰ تØقيق التراث، Ùضلاً عن تÙسير الطبرى، تØقيقه ÙÙ‰ مجلدين كتاب «طبقات ÙØول الشعراء» لابن سلام الجمØى، و«تهذيب الآثار وتÙضيل الثابت عن رسول الله» للطبرى ÙÙ‰ ست مجلدات، و«الإمتاع والمؤانسة» للمقريزى، و«Ùضل العطاء على العسر» لأبى هلال العسكرى، و«المكاÙأة ÙˆØسن العقبى» لأØمد بن يوسÙØŒ و«جمهرة أنساب قريش وأخبارها» للزبير بن بكار، و«دلائل الإعجاز» لعبد القاهرة الجرجانى.. وغيرها..
كان لا ÙŠØب أن يطلق عليه لقب «المØقق».. ربما لأنه تجاوز هذا الدور بمعناه الØرÙى، Ùكان يتوسع ويضمّن تØقيقاته شروØÙ‡ ورؤيته، ولهذا كان يؤثر أن يوص٠بأنه قارئ للتراث ÙˆØ´Ø§Ø±Ø Ù„Ù‡ØŒ وكان يضع على أغلÙØ© الكتب المØققة عبارة: «قرأه وعلق عليه».. وقد مر بنا وص٠العقاد له بأنه «المØقق الÙنان».. وقال تلميذه الدكتور عبدالعظيم الديب: «كان شيخى الجليل الأستاذ Ù…Øمود شاكر من أكثر أساتذتى تأثيرًا، Ùقد رأيت هذا العملاق يطيل التدقيق ÙÙ‰ كل ما يكتب».. ووصÙÙ‡ الدكتور Ù…Øمود الطناØى، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة Øلوان، بأنه قد رزق عقل الشاÙعى، وعبقرية الخليل، ولسان ابن Øزم، وشجاعة ابن تيمية، وأنه بهذه الصÙات مجتمعة Øصل من المعار٠والعلوم العربية ما لم ÙŠØصله من أبناء جيله، وبها Øارب الدعوة إلى العامية، والدعوة إلى كتابة العربية بالØرو٠اللاتينية، ÙˆØارب الدعوة إلى هلهلة اللغة العربية والعبث بها بØجة التطور اللغوى، ÙˆØارب من قبل ومن بعد الخراÙات والبدع والشعوذة.
وقال عنه الدكتور عبدالقدوس أبو صالØØŒ إنه شيخ العربية بلا منازع، وتصوره الأستاذ وديع Ùلسطين وكأنه يقيم ÙÙ‰ قلعة Øصينة ÙŠØمى من داخل أسوارها لغة الضاد، وعن قصيدته «القوس والعذراء» علق الدكتور Ø¥Øسان عباس قائلا: «لا ريب عندى ÙÙ‰ أن الشعر الØديث قد ضل كثيرًا Øين لم يهتد إلى «القوس والعذراء». وقال عنها الدكتور زكى نجيب Ù…Øمود إنها «درة ساطعة وآية من هذا الÙÙ† Ù…Øكمة».
الØديث عن العلامة الأستاذ Ù…Øمود شاكر لا ÙŠÙرغ، Ùقد كان قمة ÙÙ‰ كل شىء، ظنى أن لغة الضاد قد Øزنت وأنَّتْ أنينًا موجعًا يوم رØÙ„ عن دنيانا ÙÙ‰ 7 أغسطس عام 1997. رØمه الله تعالى وطيب مثواه.