منى عبد الحميد صقر

لم تسبقني إلى الدنيا إلا بعامين، ولكنها كانت دائما أقوى براهين قول المصريين: “أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة”؛ فقد كانت من طمأنينة روحها وسلامة قلبها ورجاحة عقلها وبعد نظرها وطموح همتها، كأن بيني وبينها سبعمئة وثلاثين سنة؛ فتَلْمَذْتُ لها طفلَيْنِ نرعى الحكايات؛ فيا ليتنا لم نكبر، ولم تكبر الحكايات! تقوم لي قبل الفجر، توقظني لتذاكرني في دروس الابتدائية، وتثني لي على ما أوفق إليه وهو أحد أفضالها، وتمثل لي مثال الموهوب الذي أحسن شكر الموهبة؛ فلم تخذله قط، لا في حفظ كتاب الحق -سبحانه، وتعالى!- ولا في بلوغ غايات التفوق…

إقرأ المزيد

عقـارب متسامة

عَقْرَبُ الْغَضَبِ أُرِيدُ وَأَسْتَحْيِي وَكَيْفَ وَلَمْ تَعُدْ بِقَلْبِيَ لِلْغُفْرَانِ حَبَّةُ خَرْدَلِ عَقْرَبُ الْإِثْقَالِ عَلَى مَن حَمَاكَ الثِّقْلَ تُثْقِلُ عَامِدًا فَهَبْهُ تَحَامَاهُ فَمَا كُنْتَ فَاعِلَا عَقْرَبُ الرِّيَاءِ إِذَا مِلْتُ عَنْ فِكْرِي لِفِكْرِكَ أَبْتَغِي ثَنَاءَكَ فَلْتَقطَعْ مِدَادَ خَوَاطِرِي عَقْرَبُ التَّمَيُّزِ وَلَيْسَ بِهَا مِنْ مَيْزةٍ غَيْرَ أَنَّها إِذَا قُلْتُ لَمْ تَسْمَعْ وَإِنْ غِبْتُ تَشْهَدِ عَقْرَبُ الْوَهْمِ إِذَا مَا رَآهُ دُونَهُ وَهْوَ فَوْقَهُ فَيَا بَهْجَةً بِالْوَاهِمِ الْمُتَكَبِّرِ عَقْرَبُ الدَّعْوَى تَخَاذَلَ مَنْ يَحْمِيهِ عِنْدَ التَّشَاعُرِ فَأَدْبَرَ يَسْتَرْضِي الْوَغَى بِالتَّنَاثُرِ عَقْرَبُ الْحِيلَةِ يُجَاهِلُنِي وَالْجَهْلُ أَخْبَثُ حِيلَةٍ فَمَنْ ذَا بِإِبْغَاضِي الْمُمَارَاةَ غَرَّهُ عَقْرَبُ الْمَرَارَةِ تَظَلُّ حَلَاوَاتُ التَّجَاهُلِ…

إقرأ المزيد

محمد جمال عبيد

عام 2011 يسقط من تقديره وزن كلية الطب على رغم توفيقه فيها، فيحول عنها ملفه إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ويظل مشغولا طوال فصله الأول بتعرف أساتذتها في مكاتبهم؛ فيتميز لي من جمهور المحتشدين، بطوله الفارع ووجهه المشرق ونشاطه الدائم وتودده الخالص وتطلعه الطامح، ولا يسمع مني اسم فنان أو عالم إلا يجتهد في زيارته إذا كان حيا أو قراءته إذا كان ميتا، غير مبال بما يبذل من جهد ووقت ومال. ها هو ذا يزور أستاذنا الحبيب وصديقنا الجليل الدكتور إبراهيم عوض الأستاذ بقسم اللغة العربية من كلية الآداب…

إقرأ المزيد

سر الاقتصاد

عن شعراء خمسينيات القرن الميلادي العشرين رأى نزار قباني “أَنَّ الشِّعْرَ رَغِيفٌ يُخْبَزُ لِلْجُمْهُور”، رؤية متولدة من رحم الثقافة الاشتراكية المنتشرة عندئذ. وكما وجدنا في الرغيف الجمهوري الحصى وجدنا في القصيدة الخمسينيّة الحشو، ولكن إذا كان الهَزْل هو الذي أوجد الحصى في ذلك الرغيف فإن الجِدّ هو الذي أوجد الحشو في هذه القصيدة؛ إذ رغب الخمسينيّون رغبة قوية في ابتذال القصيدة للعامة والشُّطّار والعَيّارين؛ فاتخذوا الركاكة مبدأ فمنهجا ومخبرا فمظهرا، يستلهمون أحوال الناس العادية وأحاديثهم اليومية، ويتجنبون الإحكام والتنقيح والتهذيب، بل يتبرؤون من كل كلمة تنسبهم إليها، مثلما يتبرأ الصعلوك…

إقرأ المزيد

وارتحل الطيب أبو سويلم، للدكتور السيد شعبان جادو

يبدو أن الحكي سيصاب بضعف الذاكرة؛ ذلك أن الراوي العليم قد ارتحل إلى الجهة الأخرى من ذلك العالم، تدثر بثوبه الأبيض؛ أشار بيديه إلى كل ذريته؛ جمعهم وأفضى إليهم بنظرات الوداع، أوصاهم بالحب؛ ترك البيت الكبير مطمئنا أنه أدى رسالته، في نسك الأولياء أتم شعيرة الصلاة؛ حوله الأطفال يتلون الآيات؛ أي قلب كان! خزانة السرد تلاشت مع رحيله، أجمل الحكايات التي دونتها كنت يا أبي راويها، ألتمس دعابتك الحلوة؛ كتبت جذر أبي وحكاية تلة جادو، مع كل كلمة تكمن قصة ما، أشبعت الكفر حكيا وسردا؛ كم كنت بارعا حين أوجدت…

إقرأ المزيد