من طرف جزيرة الروضة الجنوبي، بحي مصر القديمة العتيقة من القاهرة الفاخرة، امتد على النيل إلى جهة فسطاط سيدنا عمرو بن العاص -رضي الله عنه!- كوبري المانسترلي (جسر الوفاء)، الذي لم يعد الناس يعبرونه اليوم مثلما كانوا قديما حين كان بابهم إلى الائتناس بمقياس النيل، ولا مثلما كانوا أَقْدَمَ حينَ كان بابهم إلى الاحتفال بوفاء النيل!
كان الناس قد اصطنعوا للعبور صفا من القوارب المتلاصقة، يتجاوزونه قاربا قاربا، ثم ضُرِبَ لهم هذا الجسر ضربا فنيا لائقا بجاره قصر المانسترلي باشا المبني 1851؛ فكان تحفة من التحف، اختلط فيه التأسيس الحديدي المرهف بالتفريع الخشبي المزخرف؛ حتى سماه الناس “كوبري الخشب”!
لقد أدركتُه في بهائه وأبهته، ثم في مهانته وضيعته!
نعم؛ فقد صار أخيرا أهون على الناس من قمامة بيوتهم، يجترئ عليه شذاذ الآفاق، فيخلخلون منه أعمدة إنارته ثم قواعدها ثم حلى أسواره الجانبية، وكل أولئك أعمال خشبية فنية فخمة فاخرة- ثم يخلخلون أسواره أنفسها، ولا يلقي لهم أحدٌ بالا؛ فيأتون من بعد خلخلتها فيخلعونها، ويذهبون بها إلى حيث يبيعونها غافلين عن قيمتها التي لا تقدر بثمن، أو متغافلين، أو كيف كانوا ملعونين!
ثم يأتي أخونا الدكتور محمد زهران أستاذ الهندسة الحاسوبية الآن بجامعة نيويورك المقيم قبلًا بحي جاردن سيتي القاهري المحمي بمؤسساته العالمية والمحلية، يدعو الحكومة المصرية إلى تعليق لافتة معدنية على كل مكان عاش فيه أحد كبار الفنانين والعلماء، يكتب فيها ما ينبه الناس على طرف من شأنه ويعلقهم به، على مثل ما صادف عنده:
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11082018&id=fe07576b-a754-48a3-a9e2-6dc44b235c99
وأزعم أنه لولا الحماية المؤقتة ليُصيبَّنها ما أصاب جسر الوفاء (كوبري المانسترلي)، على ما صورتُه 28/11/1439=10/8/2018، قادما من صلاة الجمعة بجامع عمرو بن العاص، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
(401) المشاهدات