كذلك نَقّى اللهُ قلبَ مُحَمّدٍ ** مِنَ الإثْمِ، واسْتصفاه مِنْ خَلْقِه فَضْلا
بمناسبة المولد النبوي الشريف، أهديكم قصيدة بعنوان “طفولة محمد”، وقد نشرتها في كتابي (بلاد الشمس: قصائد من الشعر الإنجليزي حول العرب وبلادهم). القصيدة للشاعر الإنجليزي لورد هاوتن:
مِنَ الخَيْمةِ الغَرّاءِ جاءتْ به طِفْلا ** إلى القَفـْرِ ترعاه مُربّيَةٌ فُضْلى
جَسُورٌ حَمتْها العُرْبُ ما خاف قلبُها ** غَريبًا حَوتْه البِيدُ من صَخْرِها ليلا
إلى أنْ رأتْ مَنْ جاء للطفلِ فَجْأةً ** مَلاكينِ، فارتاعتْ، يَصونِانِه نُبْلا
ثِيابُهما بيضاءُ كالشّمسِ أشْرَقتْ ** ووجهاهُما الشِّعرى، سُهيلٌ إذا هَلّا
صَموتيْنِ قد جاءا إليها وإنْ رأتْ ** بعيْنَيْهِما سِحْرًا يقولُ لها أهْلا
كما تَحْمِلُ الأمُّ الرَّؤومُ رَضِيعَها ** حَوَاه مَلاكٌ فاحْتوى رِقّةً جَذْلَى
وشَقّ بسكّينٍ مِن التِّبـْرِ صَدْرَه ** ولا ألَمٌ، لكنّه قلبَه جَلّى
فغَمْرَةُ دُنيانا تُصيبُ قلوبَنا ** بداءٍ عُضَالٍ يأكل الجِسْمَ والعَقْلا
ومِنْ يَدِه البيضاءِ صَبَّ قرينُه ** على قلبِه نُورًا به الشّرُّ قد وَلّى
وهذا شِفَاءٌ مُعْجِزٌ، آفَةُ الفَتَى ** تَلاشَتْ به، والقلبُ أبْيضُ ما اعْتلّا
بِجِدِّ اهْتمامٍ أسْلَمَاه لِظِئْرِه ** وقد ضمّدا جُرْحًا يُبارِكُه المَوْلى
على حاجِبيْه قَبّلاه، وقد أتَتْ ** به قومَها لا تعرِفُ الخَتْمَ والأصْلا
كذلك نَقّى اللهُ قلبَ مُحَمّدٍ ** مِنَ الإثْمِ، واسْتصفاه مِنْ خَلْقِه فَضْلا