محاولة للرقي للسيد شعبان جادو

كان جدي يركب النورج وفي صبر مثل أيوب يسوق بقرتيه ؛ليدرس السنبلات المحملات بالخير ، وبعد أسبوعين يذروها في الرياح ، ننام ونصحو على وقع النورج كأنما هو عاشق يقبل السنبلات الحاملات…

رغم أن الغطاء المتراكم عبر سنوات القهر كان سميكا ، لكن الخطو بدأ الحراك ، المسافة تقصر وتقل عوائقها ، يقف العجز حائلا ، تريد لهم الحياة ولكنهم يعيشون الموات!
أجران القمح شاهدتها وهي ممتلئة ،كان جدي يركب النورج وفي صبر مثل أيوب يسوق بقرتيه ؛ليدرس السنبلات المحملات بالخير ، وبعد أسبوعين يذروها في الرياح ، ننام ونصحو على وقع النورج كأنما هو عاشق يقبل السنبلات الحاملات ، حتى الطعام كنا نتناوله تحت شجرة التوت ، أبي وأعمامي يقفون شواهد العيد ، ويأتي الفقراء ؛ تعطيهم جدتي بعضا من صليبة الكوم،في غفلة نصعد فوق الغلال، تغوص قوائمنا، تمتليء ثيابنا ، نجري ونلهو حالمين ، يغازل الحمام الحب ، موسم بر !
كان جدي “جادو” رجلا طيبا ، يحب الحياة يقبل عليها ، له نوادر لم يحن بعد قصها عليكم ،كلما تسنح ذاكرتي الضعيفة سآتيكم بملح منها ، لا أتذكر أنه رضي بالمذلة يوما ، كان يضع ” نبوتا” خلف الباب ، لا يعرف غيره أداة للعراك ؛ حيث التشاحن على نوبة الري، عالمه يدور حول الأرض والزرع ، لا تجده إلا مشمرا طوال نهاره ؛ وهل الفلاح غير هذا!
ودارت ساقية العدم فقرا وخواء ، مات جدي وغاض معه النهر ، لم أجد للحكايات راويا، بل القصص نضبت ، حاولت أن أكون مثل جدي ، ضعفت ذاكرتي ، الغبش احتواني ، القطن ما عاد يزرع بحقلنا ، حتى القمح صار هباء منثورا ، عالمي من قطع غيار مستورة بغلاف مخاتل ، كانت الساقية تدور ولها حداء ، تروي وتغمر الشراقي ، مات جدي وتحولت
أرضه إلى ” كانتونات ” من حوائط مسلحة ، حتى فرن جدتي سكنته” بنت عرس”!
تدور بي الأيام دورتها الحيرى، قدم غليظة تسلطت على الحاضر، سأعاود الحكي مرغما ؛ فما أنة صدري إلا أثر منه!

موضوعات ذات صلة

Leave a Comment