حكى لي أحد زملائي ولم نكن عندئذ جميعا من ذوي السيارات، أن ابن ثري مصري تكبر بسيارته على الناس في شوارع القاهرة وتجبر وطغى وبغى، حتى أحدث فيهم وأفسد؛ فأمسكوا به؛ فهاتف أباه؛ فأتاه من فوره، ولم يكد يراه في أيديهم حتى صرخ فيه يسبه ويلعنه ويضربه؛ فرحمه الناس وحالوا دونه، ثم قال له: والله -يا ابن الكلب- لئن لم تعتدل لآخذن منك الشبح، ولأعطينك الفيات، ولأجعلنك مثل أولاد الشوارع! قلت: يا خيبة أمل المصابين المساكين الذين رحموه، ثم يا لأمثالنا -عندئذ- الذين لم يدركوا القيام في مقام ذوي الفيات من أولاد الشوارع! ثم ضرب الدهر ضربانه، وسافرت عن الشبح -بعدئذ- معتقلة بمأواها؛ فتوصل إليها براء وكان المقدم على أقرانه في تخصصه الجامعي، وسولت له نفسه أن ركوبها إلى كليته أسهل من أن يبحث عمن يقله فيفوته الوقت؛ فلما أشرف بها على حراس باب الجامعة الأكبر استصغروا حجمه وسنه وزيه -وإن أربكتهم البطاقة على يمين زجاجها- وتوقفوا في شأنه حتى يستأذنوا قائدهم، فطلبه، فجاءه، فعاتبه، فأحسن إعتابه، فنصحه، فذكر له أنه رأي أبيه أيضا، فأثنى له على أبيه ليقنعه بمراده، ثم اضطر بما وجد من حضور جوابه أن يسمح له، على ألا يعود! ولم يكن يريد أن يعود فقد رآه بها من أراد أن يراه، ثم حمل عليها في إيابه من أراد أن يحمل، وقضى الأمر، واستوت بمأواها، ولكن بعد أن هبطت بمرتبته في تخصصه عما كانت قبلئذ، ولات ساعة مندم! يا للمسكين! أغره منها أن لم يحتج في اختبار القيادة إلا إليها؛ إذ اقتحم بها مضمار الاختبار الضيق؛ فلم يكلفه الشرطي غير أن يدور فيه قليلا، ثم جاءه يتودد إليه بالنجاح، وقد أبى أبوه إلا أن يتعلمها في مدرسة الوزارة على كثرة طلابها؛ فرزقه الله الأستاذ صفوت المعلم المخلص الكريم العطوف، الذي كان يعلمه ثم يوصله إلى قريب من بيته! ويغضب المصريون حين ترد عليهم خارج مصر رخص قيادتهم، بما فاح من عطن فسادها الآسن. ويقول قائلهم: يرفضون تبديل رخصتي، وقد ذهبت فيها إلى الشرطي بمكتبه، فأجلسني، وأضافني، فلم أكد أكمل قهوتي حتى جهزها لي معاونوه! يرفضون تبديل رخصتي أنا! ألا عجبا أي عجب!
To provide the best experiences, we use technologies like cookies to store and/or access device information. Consenting to these technologies will allow us to process data such as browsing behavior or unique IDs on this site. Not consenting or withdrawing consent, may adversely affect certain features and functions.
Functional
Always active
The technical storage or access is strictly necessary for the legitimate purpose of enabling the use of a specific service explicitly requested by the subscriber or user, or for the sole purpose of carrying out the transmission of a communication over an electronic communications network.
Preferences
The technical storage or access is necessary for the legitimate purpose of storing preferences that are not requested by the subscriber or user.
Statistics
The technical storage or access that is used exclusively for statistical purposes.The technical storage or access that is used exclusively for anonymous statistical purposes. Without a subpoena, voluntary compliance on the part of your Internet Service Provider, or additional records from a third party, information stored or retrieved for this purpose alone cannot usually be used to identify you.
Marketing
The technical storage or access is required to create user profiles to send advertising, or to track the user on a website or across several websites for similar marketing purposes.