ظَاهِرَةُ الْإِلْحَاقِ بِبِنْيَةِ الْكَلِمَةِ الْعَرَبِيَّةِ لقد صار لـ”الملحق” باب مستقل أصيل في علم الصرف، يعرض فيه علماؤه لأوزان صرفية نشأت لغرض لفظي (صوتي)، بتغيير أوزان صرفية أولى، ربما لم تعد مستعملة، تغييرا يجعلها بزيادة حرف أو حرفين، على وفق أوزان معينة، من نوع مقاطعها وعددها وترتيبها، ليصير ذلك التركيب بتلك الزيادة، مثل كلمة أخرى في عدد الحروف وحركاتها المعينة والسكنات، كل واحد في مثل مكانه في الملحق بها، وفي تصاريفها: من الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول -إن كان الملحق به فعلا رباعيا- ومن التصغير والتكسير، إن كان الملحق به اسما رباعيا لا خماسيا. وفائدة الإلحاق أنه ربما يُحْتاج في تلك الكلمة إلى مثل ذلك التركيب في شعر أو سجع. ما “المُلْحَقُ” فيما أرى، إلا ظاهرة وزنية صرفية، من آثار الوزن العروضي ونتائج علاج الشاعر لإبداع شعره، صارت سنة لغوية اتبعه فيها غيره من مستعملي اللغة. ومن قديم ينهج الشعراء لغيرهم مناهج اللغة. كذلك أرى أن الإلحاق كان في أَوَّليَّته لفظيا (صوتيا) فقط، ثم صار وسيلة إلى توسيع المعنى أو تضييقه أو التعبير عن معنى جديد. إن لدينا نماذج باقية من تلك المرحلة السابقة، تؤكدها وتبينها: قال ابن منظور: “جَهَرَ بكلامه ودعائه وصوته وصلاته وقراءته (…) وأَجْهَرَ وجَهْوَرَ: أعلن به وأظهره” ، وقال: “شَمَلَ الرجل وانْشَمَلَ وشَمْلَلَ: أسرع وشمَّر”. فقدم لنا فيهما “جَهْوَرَ” الذي على وزن “فَعْوَلَ”، الملحق بـ”فَعْلَلَ”، بتغيير “جَهَرَ=فَعَلَ”، و”شَمْلَلَ” الذي على وزن “فَعْلَلَ”، الملحق بـ”فَعْلَلَ” كذلك، بتغيير “شَمَلَ=فَعَلَ”- اللذين لم يتغير المعنى فيهما عنه فيما غُيِّرا عنه. ولا نحتاج إلى نماذج للمراحل اللاحقة كـ”سَيْطَرَ= فَيْعَلَ، وشَرْيَفَ، بمعنى قطع ورق الزرع الجاف=فَعْيَلَ”، الملحقين كذلك بـ”فَعْلَلَ”، بتغيير “سَطَرَ=فَعَلَ، شَرُفَ=فَعُلَ”؛ فهي الآن المستولية على الملحق، حتى لقد صارت ملجأ المحدثين كلما احتاجوا إلى التعبير عن معنى جديد، ولا سيما إذا ترجموا فعجزوا عن مقابلة الكلمة بمثلها من العربية، فأخرجوا لنا كلما لا أستطيع الآن حصرها -ولم أعلم أحدا فعله- وفقوا في بعضها وأخفقوا في بعضها، كما في مثل: عَلْمَنَ=فَعْلَنَ، بتغيير عَلِمَ=فَعِلَ، وعَمْلَنَ=فَعْلَنَ، بتغيير عَمِلَ=فَعِلَ، وجَمْعَنَ=فَعْلَنَ، بتغيير جَمَعَ=فَعَلَ، وشَعْرَنَ=فَعْلَنَ، بتغيير شَعَرَ=فَعَلَ، وبَنْيَنَ=فَعْلَنَ، بتغيير بَنى=فَعَلَ، ومَعْجَنَ=مَفْعَلَ، بتغيير عَجَنَ=فَعَلَ، ومَعْجَمَ= مَفْعَلَ، بتغيير عَجَمَ=فَعَلَ، ومَفْصَلَ=مَفْعَلَ، بتغيير فَصَلَ=فَعَلَ، ومَنْطَقَ=مَفْعَلَ، بتغيير نَطَقَ=فَعَلَ، ومَذْهَبَ=مَفْعَلَ، بتغيير ذَهَبَ=فَعَلَ، وبعضها أشبه بالنحت منه بالإلحاق. وكما اضطر علماؤنا القدماء إلى الإقرار بباب الملحق، قَبِلَ مجمع اللغة العربية بعض ما ابتكره المحدثون
To provide the best experiences, we use technologies like cookies to store and/or access device information. Consenting to these technologies will allow us to process data such as browsing behavior or unique IDs on this site. Not consenting or withdrawing consent, may adversely affect certain features and functions.
Functional
Always active
The technical storage or access is strictly necessary for the legitimate purpose of enabling the use of a specific service explicitly requested by the subscriber or user, or for the sole purpose of carrying out the transmission of a communication over an electronic communications network.
Preferences
The technical storage or access is necessary for the legitimate purpose of storing preferences that are not requested by the subscriber or user.
Statistics
The technical storage or access that is used exclusively for statistical purposes.The technical storage or access that is used exclusively for anonymous statistical purposes. Without a subpoena, voluntary compliance on the part of your Internet Service Provider, or additional records from a third party, information stored or retrieved for this purpose alone cannot usually be used to identify you.
Marketing
The technical storage or access is required to create user profiles to send advertising, or to track the user on a website or across several websites for similar marketing purposes.