معالم تفجير عروض الشعر العربي
1 داعي التكامل
تعلمت أن أحرص على معالم الحياة في الثقافة العربية الإسلامية ؛ فاقتضاني ذلك ألا أشتغل بمسألة أو مسائل منها قدامية أو حداثية أو مستقبلية، عن غيرها ؛ فحياتها في تكاملها .
2 منشأ المسألة
تَفْجيرُ نِظامِ الشِّعْرِ مصطلحٌ فنيٌّ شعري غربي حديث ، وقع في أثناء مقالات الشيوعيين النقدية دالا على نزاع المضمون الثوري الطبيعة للشكل المحافظ الطبيعة وصولا إلى اتساق الموضوع والبناء ، ثم في أثناء مقالات السّرْياليّين النقدية دالا على رفض سيطرة العلاقات العقلية وصولا إلى الكتابة الآليَّة أو العَفْويَّة أو الحُلُميَّة ، ثم عُرِّبَ في مقالات الشِّعْريّينَ العرب النقدية دالا على اليأس من أن يستفيدوا من نظام الشعر الغربي ما يعالجون به مرض نظام الشعر العربي وصولا إلى ردم الهوة الواسعة بين النِّظامَيْنِ .
3 داعي التناقض
اختلف فيه نُصراء وخُصماء عَرَبٌ ، على نظرتين ضِدَّيْنِ ، منهج فني شعري مأمول ، وشعار ضالٍّ أجوف مغسول ؛ فظهرت الحاجة إلى البحث عن أمره .
4 مؤدى الصريح
تيسرت لي طائفة مهمة من مواضع التنظير التي وقع فيها المصطلح صريح اللفظ ، وتأمَّلْتُها مَليًّا ؛ فَتَبَيَّنَتْ لي في مفهومه ، هذه الأعمال الثلاثة معينةً مقصودةً :
التَّفْجيرُ النحوي .
التَّفْجيرُ الصوتي ( العروضي ) .
التَّفْجيرُ الدلالي .
فرأيت فيها معالم إيمان بنظرية النحو الفلسفي أو الكلي الغربية ، وثورة فنية أحدثها يأس الشاعر العربي المعاصر المُسْتَقْبَليِّ من إدراك الشاعر الغربي المعاصر .
5 مؤدى السالف
تيسر لي بحثٌ مُهِمٌّ في إحدى قصائد علي أحمد سعيد ( أدونيس ) ، عرضتُ دواعيه ومنهجه ونتائجه التي أهمها إثبات تَفْجيرِ نِظامِ الشِّعْرِ الْعَرَبيّ من جهتين :
الأولى أُفُقيَّةٌ ( تَضْخيمُ المُكَوِّناتِ ) .
وَالأُخْرى عَموديَّةٌ ( تَنْفيرُ المُكَوِّناتِ ) .
6 مأخذا السالف
أخذت على صاحبه مأخذين :
أولهما : أنه لم يوازن بالقصيدة المُفَجَّرةِ قصيدةً أخْرى لصاحبها نفسه لم يُدْرِكْها منهجُ التَّفْجيرِ ، اقترحت أن يسميها على المضادَّة العَرَبيَّة الأصيلة : المُحَجَّرَةَ ؛ فَتَرَكَنا في أيدي الظُّنون .
والآخر : أنه لم يعرض لِلتَّفْجيرِ الصَّوْتي ( العَروضي ) ، على رغم أنه أحد أعمال التَّفْجيرِ المُعَيَّنَةِ الواضحة المقصودة ، وأن عليه المعول في تعويض التَّفْجيرَيْنِ الدلالي والنحوي إذا ما خَفّا أو خَفَتا ، بطموح حَمَلَتِهِ إلى :
مراعاة جذور الكلمات المتتابعة متوازية ومتقابلة ومتقاطعة ، متجردةً من زياداتها .
الانطلاق إلى فضاء مُتَراحِبٍ ، بحركة حرَّةٍ حَثيثَةٍ ، من دون قواعد محدَّدة .
المُفَجِّرَيْنِ لإيقاع الشعر العربي ، وثَوْرَتِهِمْ على :
تكرار مركبات المقاطع المترتبة على نحو خاص ، متعلقةً بصيغ الكلمات .
الرَّسيف في إطار ضَيِّقٍ ، بحركة أسيرةٍ وَئيدةٍ ، على قواعد محدَّدة .
المُحَجِّرَيْنِ لإيقاع الشعر العربي .
7 وجوه الموازنة
عالجت سَبْرَ التَّفْجيرِ بالتَّحْجيرِ ، بادئا بالتَّفْجيرِ الصوتي ( العروضي ) الذي استولى على بقية البحث ، موازنا بين قصيدتين لأدونيس نفسه مهمتين : محجرة ومفجرة ، متواردتين ، منتقلا من وجوه الائتلاف إلى وجوه الاختلاف : وَزْنًا ، فتقْسيمًا ، فبحْرًا ، فتقْفِيةً ، فتَدْويرًا ، فتفاعيلَ ، فرسْمًا .
8 مؤدى الموازنة
انتهيت إلى أن أدونيس أراد لمفجرته الخفيفية المشققة بالمتدارك والرجز والرمل على النحو الموضح بالبحث ، أن تكون مثلا لأمته ( ثقافته ) ماضيةً على منهج الوعي والحركة والعمل بين الأمم ( الثقافات ) بأيدي نفر من أبنائها – ولمحجرته الخفيفية المنشورة في الطبعة نفسها ، أن تظل مثلا لهذه الأمة ( الثقافة ) العربية الإسلامية جاثمةً على منهج الغفلة عما تُدَبِّرُهُ لها الأمم ( الثقافات ) ؛ فآلف بينهما وخالف على النحو الموضح بالبحث .
9 احتراس النهاية
احترستُ بأنه ليس يمتنع أن يتحجر المتفجر أي أن يُتعوّد فيسقط عنه التأثير ؛ فيتفجر المتحجر أي يُراجع وتُقطع به العادة فيتعلق به التأثير ، ولا سيما أن عمل الشاعر باللغة يُشبَّه بعمل الفلاح بالأرض ، وأن العمل الذي يقلبها ظهراً لبطن مرة ، يقلبها بطناً لظهر مرة أخرى ، ” وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ” ، صَدَقَ اللهُ الْعَظيمُ !
[gview file=”https://mogasaqr.com/wp-content/uploads/2014/05/تَفْجِيرُ-عَرُوضِ-الشِّعْرِ-الْعَرَبِيِّ.pdf”]
(1359) المشاهدات